الأحلام إلى كوابيس
أوباما يحط في الرياض لحضور إجتماع مجلس التعاون الخليجي في أعقاب غضب السعوديين من فتح ملف إتهامهم في الكونغرس بهجمات 11 سبتمبر . ورغم إنتقاده اللاذع للسعودية لكنه حث الكونغرس على عدم تمرير القرار تمهيدا للزيارة وإظهار حسن نوايا ترضى الخليجيين الذين يرتجفون مع كل خطوة تأخذها واشنطن .
الهجمة على السعودية بخصوص أحداث 11 سبتمبر أتسعت دائرتها وبالتأكيد لن تمر مرور الكرام . وخاصة أن المتنافسين على الرئاسة أستغلوها وشحنوا الأجواء والرأي العام بها . حيث قال بيرني ساندرز ( إن العقيدة الوهابية السعودية هي العقيدة نفسها التي يتبعها كل من داعش والقاعدة وهناك البعض من داخل العائلة الملكية السعودية من يمول الفكر الوهابي الاصولي ) وقال ( من الضروري أن تتخذ الولايات المتحدة موقفاً أكثر صرامة ضد السعودية ودعمها للفكر الوهابي ) . أما المرشحة كلينتون فقالت في مقابلة ضمن برنامج هذا الاسبوع على قناة أي بي سي ( يجب أن نجعل من يشارك أو يدعم الارهاب يدفع ثمنا ويجب أن ندرك أي عواقب قد تؤثر على الاميركيين سواء العسكريين أو المدنيين أو على أمتنا ) .
وعقب هذا التصريح صدر بيان عن حملة كلينتون جاء فيه ( يجب محاسبة المسؤولين عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر وأن كلينتون ستعمل مع الكونغرس بغية تحقيق هذا الهدف في حال فوزها بالرئاسة ) .
أمريكا كان حلمها أن تبقى القطب الواحد الذي فرض سيطرته على المنطقة منذ الحرب الباردة وتفتيت الإتحاد السوفييتي وأظهر تلك السيطرة بقيادة التحالف الذي أحتل العراق وأرادت الإدارة الأمريكية في عهد أوباما الحفاظ على هذه الهيمنة بوجود أقطاب أقليميين في المنطقة لهم تواصل وعلاقات ودية معها بحيث تستطيع التحكم في المنطقة من خلال التأثير وإدارة وأدوار هذه الأقطاب . لكن مشروع الهيمنة لم يدم طويلا وأصتدم بعودة الدب الروسي بترسانته العسكرية في سوريا . بينما السعودية كان حلمها أن تكون القوة الأقليمية المهيمنة على المنطقة وشاركت بقوة في عاصفة الصحراء لتقدم أوراق إعتمادها في البيت الأبيض . وكشفت عن ذلك بعد مؤامرة الربيع العربي الذي قدمت فيه كل شئ من الدعم والتأييد حتى المشاركة المسلحة والتي بدت واضحة في حرب اليمن . بل أنها تنافست مع قطر في الملف السوري كما قال رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم في حوار أجرته معه فايننشيال تايمز قبل يومين ( سأكشف أمراً لأول مرة فعند انخراطنا في سوريا في 2012 كان ذلك بضوء أخضر . ثم وبعد فترة غيرت السعودية سياستها السورية ولكنها لم تُخبرنا أنه علينا أن نكون على المقعد الخلفي للسيارة فانتهى بنا الأمر إلى التنافس ) .
لكن السعودية فشلت في اليمن ولم تحقق أي نتائج رغم دخولها العام الثاني . وفشلت في إسقاط سوريا بتواجد روسيا وإيران . وفشلت في عزل إيران والحشد الدولي ضدها . وإنقلاب المزاج الأوربي بوصول الإرهاب الممول سعوديا إليه . فحاول السعوديين مد جسور التعاون مع الإسرائيليين في الوقت الضائع لحفظ ماء الوجه والضغط على الشريك الأمريكي . لكن ذلك يتطلب دفع أثمان مضاعفة بتطبيع معلن يبدو في الطريق وإختراق مصر الذي تحاول السعودية جاهدة فعله عن طريق الإستثمارات .
وفي المجمل يبدو واضحا أن كلا الحلمين الأمريكي في الهيمنة المطلقة والسعودية في الهيمنة الأقليمية قد أصتدما بواقع أجبرهما على التراجع وتحولا إلى كوابيس .
وتسعى الإدارة الأمريكية جاهدة للإمساك بأطراف اللعبة في المنطقة دون أن تخسر إحداها . وتحاول السيطرة على الملف العراقي بعد تراجعها في سوريا . لكن تبدو أمريكا مرتبكة وفي ظرف حساس وصعب مع الإنتخابات الرئاسية . لهذا تحاول إرسال رسائل تطمين فقط ودغدغة المشاعر للحفظ على هذه الحالة من الإنفلات حتى يأتي الرئيس القادم . فاليمن يتم جره للكويت في مفاوضات ملغومة وشائكة وحتما ستأخذ الكثير من الجولات . والعراق يتم جره للصراع السني الشيعي خلفا للصراع مع الإرهاب لإرهاق الجميع وهذا عكسه تصريح وزير الدفاع الأمريكي عقب إجتماعه مع وزراء الدفاع الخليجيين في الرياض بحثهم على ضرورة التواجد بقوة في العراق ودعم المناطق السنية في مواجهة داعش والوجود الإيراني ...
الفارس الليبي